گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
فلسفه اسلامی
جلد اول
فصل ( 14 ) فی تقسيم القوش المحركة ، و فی اثبات محرك عقلی


ان من المحرك ما يحرك بالذات ، و منه ما يحرك بالواسطة ( 1 )
كالنجار بواسطة القدوم ، و منه ما يحرك علی سبيل المباشرش و أن يفيد
صفةالحركة ، و منه ما يحرك لاعلی سبيل المباشرش ( 2 ) بل بأن يفيد الذات‏
المتحركة لاحركتها فقط ، كما ستعلم . و أيضا ( 3 ) منه ما يحرك بأن‏
يتحرك ، و منه ما يحرك لابأن يتحرك كالمعشوق اذا حرك‏العاشق ، والمعلم‏
اذا حرك المتعلم . ولا ستحالة ( 4 ) وجود أجسام بلانهاية
يستحيل أن يتحرك متحركات معا الی غير نهاية . و بيان ذلك :
أما اولا : فان المتحرك يجب أن يكون جسما أو ماديا ، ويلزم لاتناهی‏
الاجسام . أما ثانيا ( 5 ) فلان العلل يجب أن تناهی ، و ذلك لانه ان كان‏
متحرك أخير و يحركه محرك و هو أيضا متحرك فمحال أن يتحرك ( 6 ) الا
بعد أن يحركه محرك آخر ، فالمتوسط من هذه الثلاثة له نسبتان وله من بينها
هذه الخاصية ، و هو انه يحرك و يتحرك ، و سواء كانت هذه الواسطة واحدش
أو كثيرش ، متناهية أو غير متناهية فانه لايصح الحركة مادام حكمها حكم‏
الواسطة ، فيجب أن ينتهی الی محرك لايكون حكمه حكم الواسطة ، و هذا مخرج‏
الامور من القوش الی الفعل ، والموجد ينتهی الی أمر بالفعل ، فيجب أن‏
يكون أمرا بالفعل و موجودا بذاته ، فالمحرك الذی لايتحرك اما ( 7 ) أن‏
يحرك بأن يعطی للجسم المتحرك المبدأ القريب الذی به يتحرك
أو يحرك علی أنه غاية يتم بها و خير يتوجه اليه و معشوق ، و معلوم أن كل‏
قوش فی جسم يحرك فانها تتحرك أيضا بالعرض ( 8 ) فالمحرك الذی لايتحرك‏
لايصلح أن تكون قوش جسمانية ، وقد علمت ( 9 ) اثبات أن كل جسم يفعل فعلا
خاصا أو حركة مخصوصة ليس بعرض ولا باتفاق أو قسر فانه بقوش زائدش علی‏
الجسمية ، فهی اما طبع أو ارادش نفسانية ( 10 ) متعلقة ، و علی التقديرين‏
لابد أن يكون لتلك القوش تعلق بالجسم ، ولاتكون مفارقة عنه بالكلية ( 11 )
، فان الفعل الخاص اذا صدر عن فاعل مفارق بالكلية غير مخالط للاجسام وجب‏
أن يكون المفارق يطلب بالحركة أمرا ليس له ، و هذا باطل كما علمت .
فاذن ان كان مفارق مشاركا له فی التحريك فانه يحرك علی أحد الوجهين‏
المذكورين لاغير كالحال فی الحركات الفلكية .